هلال خير وبركة
راشد عبدالرحمن العسيري
بسم الله الرحمن الرحيم هلال خير وبركة ،
أطل علينا من بعيد ، فيا مرحباً بمقدم الضيف الحبيب ، أطل علينا سيد الشهور، وأفضلها على مر العصور،
شهر القرآن والصيام والقيام ، شهر جعل الله صيامه فريضة ، وقيام ليله تطوعاً وفضيلة ، تُفتح فيه أبواب الجنان،
وتُغلق فيه أبواب النيران ، وتصفد فيه الشياطين . شهر المغفرة والرحمات والعتق من النيران ، شهر الصبر
والمواساة ، شهر التكافل والتراحم، شهر التناصر والتعاون ، شهر الفتوحات والانتصارات، شهر تُرفع فيه
الدرجات، وتُضاعف فيه الحسنات، وتُكفّر فيه السيئات، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم
، ومن نال أجرها فقد فاز وغنم. غمرت فرحة مقدمه الأفئدة ، وتلألأت به وجوه خاشعة ،
وانشرحت فيه صدور مؤمنة. لو تكلمنا عن فضائله لما وسعنا الزمان في ذكر محاسنه
، ويكفي لنا قول خير من صلى وصام عن شهر الصيام :
(( أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ
، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ )) .
فمرحباً بنفحات الجنة ، ورضا الرحمن ، فالزائر قد طالت غيبته ، وعظمة مكانته ، له في النفس شوقا ، وكيف لا
وهو طريق الجنة ، أجوره مضاعفة ، وأعماله مباركة ، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم :
(( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ؛
فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ )
) . فلنتعرض لنفحات الله تعالى في هذا الشهر الكريم ، ولنعقد العزم من أول يوم من أيامه
أن نكون إلى الله أقرب وعن النار أبعد ، لكي لا نضيع فرصاً قد أتت ، فلعلنا
لا ندرك رمضان ، ولعل رمضان يأتي ولا يلقانا ، فكم من عزيز كان معنا في
رمضان الماضي وهو الآن تحت الثرى . وهذه ثلاث نفحات ربانية ، وبشارات نبوية
، ينبغي للمسلم اغتنامها والتعرض لها، أولها : قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (
(، وثانيها : قوله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) ، وثالثها : قوله النبي صلى الله عليه وسلم: (( مِنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) .
فالله الله في الصيام ، والله الله في القيام ، والله الله في ليلة القدر .